تنبع أهمية هذه الدراسة من الفترة الزمنية التي تتناولها والتي كانت تُمثِّل مرحلة مميزةً في العلاقات بين الدولة العثمانية، والولايات المتحدة الأمريكية. فالدولة العثمانية في القرن التاسع عشر الميلادي / الثالث عشر الهجري كانت تعاني من مشكلات داخلية، وخارجية كبيرة وخاصة تدخّل القوى الأوروبية في شئونها، وقد حاول سلاطينها إيجاد حليف أوروبي قوي لهم، ولكنهم اصطدموا بمصالح الدول الأوروبية الكبرى الذاتية. وفي المقابل كانت الولايات المتحدة الأمريكية تسعى إلى تكوين ذاتها كقوة عالمية، تحاول التأثير في مجريات الأحداث العالمية في أوروبا، وحوض البحر المتوسط. ولهذا وجدت في الدولة العثمانية فرصة للدخول إلى المعترك السياسي العالمي.كما أن الدولة العثمانية رأت في ظهور الولايات المتحدة الأمريكية كقوة عالمية فرصة لاستقطاب حليف يساعدها على نبذ التدخلات الأجنبية. وتسلط فترة الدراسة الزمنية الخصبة الضوء على العلاقات العثمانية الأمريكية التي تبدأ من العام (1830م / 1246هـ) وهو تاريخ أول معاهدة عقدت بين الطرفين إلى عام (1918م / 1337هـ) أي بنهاية الحرب العالمية الأولى التي شهدت تغيراً كبيراً في ميزان القوى العالمية. وبين هذين التاريخيين يظهر التقارب والتلاقي العثماني الأمريكي في المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية، وما واجه ذلك من مساع أوروبية معوقة، وتتكون الدراسة في مقدمة وتمهيد وثلاثة أبواب وخاتمة ويضم كل باب عدة فصول. احتوت المقدمة على أهمية الموضوع من الدراسة، ثم تحليل لأهم الوثائق التي اعتمدت عليها، ويعطينا التمهيد مدخلاً للموضوع الرئيسي للدراسة حيث يستعرض بداية علاقات الولايات المتحدة غير المباشرة بالدولة العثمانية من طريق النيابات العثمانية في الشمال الأفريقي، وكيف استطاعت الولايات المتحدة أن تؤمن وجودها في غرب المتوسط من طريق المعاهدات التي عقدتها مع تلك النيابات ويختم التمهيد بإظهار رغبة الولايات المتحدة في إقامة علاقة مباشرة مع الدولة العثمانية. ويتناول الباب الأول علاقات السياسة وذلك في أربعة فصول، جاء الفصل الأول "معاهدة 1830م" ليبرز أول معاهدة عقدت بين الولايات المتحدة والدولة العثمانية، وتم عرض ظروفها، ومواردها، ومدى تطبيقها، كما استعرض مجموعة من صور الخلاف حولها، ثم ختم بدراسة تحليلية لذلك الخلاف. ويتتبع الفصل الثاني "اطراد التقارب في تطور العلاقات بين الدولتين" حيث يظهر ذلك التقارب في موقف الولايات المتحدة من حركة التنظيمات العثمانية ثم موقف الدولة العثمانية من الحرب الأهلية الأمريكية ومن ثم الحرب الأمريكية الإسبانية وتعج هذا التقارب بالتفكير في عقد المزيد من المعاهدات مثل معاهدة (1862م) وبروتوكول ومعاهدتي 1874م. ويركز الفصل الثالث على أول مظاهر هذا التلاقي هو إقامة العلاقات الدبلوماسية بين الدولتين ثم التلاقي في الفكر عن طريق عرض موقف حكومة الولايات المنفرد من حكومة الاتحاديين.ويحتوي الفصل الرابع على عرض للرؤية الأمريكية تجاه الدولة العثمانية، مع بوادر الحرب ثم قطع الحكومة العثمانية لعلاقتها الدبلوماسية مع الولايات المتحدة بعد دخول الأخيرة الحرب إلى جانب دول الوفاق ضد دولِ الوسط التي انضمت لها الدولة العثمانية.ويضم الباب الثاني "العلاقات الاقتصادية" فصلين الأول "التجارة" ويتتبع بداية العلاقات التجارية بين الدولتين وأثر معاهدتي (1830م) و(1862م)، ودبلوماسية الدولار الأمريكية والنقل والأسواق. ويشمل الفصل الثاني المشروعات الاستثمارية المشاريع التي تمثلت في الاستفادة من الخبرة الأمريكية في عدة مجالات صناعية كالتلغراف وتصنيع السفن.ويتكون الباب الثالث "العلاقات الثقافية" من فصلين، الأول الإرساليات، والثاني "النشاط التعليمي والطبي الأمريكي".أما خاتمة الدراسة فقد تناولت أهم النتائج التي توصلت إليها الدراسة بعد تحليلها وربطها ببعضها للوصول إلى مصادر هذه الدراسة. وقد زودت الدراسة بمجموعة من الجداول الاقتصادية وضعت في الباب الاقتصادي تسهيلاً للقارئ في حالات رغبته القيام بالربط بين الأرقام والمعلومات الموجودة في المكان. كما زودت الدراسة بستة ملاحق، خمسة منها تضم نماذج من الوثائق التي استقت منها الدراسة مادتها،والأخير عبارة عن جدول بأسماء الممثلين الدبلوماسيين الأمريكيين في الدولة العثمانية.