لقد تربينا منذ الطفولة على تقديس الحدود والخوف من تجاوز الخطوط الحمراء في كل مجال. خاصة مجال القوى السياسية والدينية المسيطرة، ولهذا السبب لم يخرج من بلادنا مبدعون أو مبدعات في مجال العلوم والفنون لقد تربينا على التقليد والمحاكاة والنقل والترجمة عن الآخرين، وليس الإبداع بعقولنا والمغمرة والخوض في المحرمات. ومن المحرمات الموروثة في عالم الأدب هو الفواصل والحدود التي رسمت لنا بين الرواية والقصة والشعر والمسرحية وغيرها، وكذلك الحدود بين العلم والفن، لكن اللغة الإبداعية تكسر هذه الحدود، وتعبر عن نفسها بطرق جديدة ومختلفة، الإبداع يحطم النظام السابق عليه ويخلق نظاماً جديداً، الذي لا يلبث أن يتحطم معه الإبداعات الجديدة المتكررة دون انقطاع. وهذا الكتاب هو مرحلة من مراحل كسر الحدود بين الرواية والقصة والشعر والمسرحية والمقال العلمي، أو الأدب أو السياسة، إنه محاولة جديدة جاءت وحدها تلقائياً بعد أن شعرت بضرورة تواجدها، لأن الأشكال الأدبية الموروثة لم تعد كافية للتعبير عما يجيش في النفس من تغيرات وتحولات في عالم يعيش التغيرات والتحولات بأسرع مما نتخيل.