مقدمة الكتاب:
عزيزى القارئ أقدم إليك هذا الكتاب "الحرية" لـ "زيجمونت بومان" أستاذ علم الاجتماع في جامعة LEEDS، وهو يتناول قضية الحرية بمنظور اجتماعي في سياق تاريخي شامل الأبعاد السياسية والاقتصادية والاجتماعية في مجتمعات أوروبا الغربية.
وما ينشغل به عالم الاجتماع في قضية الحرية يختلف بطبيعة الحال عن مجال اهتمام الفيلسوف والمفكر والسياسي ورجل الدين والاديب والشاعر، وزيجمونت باعتباره عالم اجتماع لا يبحث قضية الحرية في إطار الشرائع الدينية أو التشريعات القانونية والاخلاقية، ولا في تصورات الطبيعة الإنسانية، ولا في رؤى وتأملات الأديب وخيال الشاعر، وإنما يبحث قضية الحرية في الإطار الاجتماعي؛ لذلك هو يرى الحرية كعلاقة إجتماعية، ويؤكد على الأصل الاجتماعي للحرية، ويعارض أن يكون الأصل مؤسساً على الاخلاق أو الدين أو القانون أو الطبيعة الإنسانية.
ويؤكد زيجمونت في هذا الكتاب "أن الفرد الحر خلق اجتماعي تاريخي، وليس حالة عالمية للنوع الإنساني، أنه أبعد ما يكون عن ذلك.
والغرض من الكتاب الرد على من يزعم أن حرية الفرد شيء طبيعي مسلم به موجود دائماً، وأن وجود الحرية ملازم لوجود الإنسان كحق طبيعي، إلا أن زيجمونت لا يثير في مضمون الكتاب جدلاً مع أصحاب نظرية الحرية كحق طبيعي بكل توجهاتهم الفكرية أمثال هوبز وجون لوك وجان جاك روسو وغيرهم.
إنما هو يشير إلى أن "هناك اعتقاد يدعمه الحس المشترك، ويتخذه علماء الاجتماع كمسلمة أو بديهية، وهي أن المرء سيد أفعاله ومصدرها، وأن المرء يفعل وفقاً لأهدافه ومقاصده، فالإرادة الحرة تفرد كل فرد كحقيقة أعجمية للنوع، وبالتالي تكون الحرية نتاج الطبيعة أكثر من أن تكون ترتيبات اجتماعية".
المترجمة |