مقدمة الكتاب:
لعل محددات التمايز في الجنوب ذاته، والناتجة من التعديات القبلية والثقافية والدينية والمهنية والجغرافية. وارتباط كل مديرية في الإقليم بقوة إقليمية ودولية ما، لها دورها التبشيري والإعلامي لصالح الحزب الممثل لهذا القبلية أو تلك في داخل المديرية، كل ذلك يؤكد بأن استقلال جنوب السودان عن الشمال سوف يفضى إلى حالة من الصراع الدموي الشديد والعنيف، لأن الإقليم إنما يترابط كوحدة – إلى حد ما – في ظل الصراع مع الشمال، الذي يعمل كعامل جمع لفرقاء الجنوبيين، بحيث إذا انقشعت حالة الصراع تلك، فسوف ينفرط عقد الإقليم، بسبب الخوف من سيطرة الدنكا – كأكبر جماعة عرقية وثقافية – على بقية الجماعات الأخرى.
وعلى كل الحال إن الحراك السياسي والاجتماعي في الجنوب ما زال ميدانًا خصبًا لمزيد من الدراسات التاريخية والأنثروبولوجية والنفسية وغيرها وإن هذا المنظور الذي أطرأ لتفسير التاريخ الأفريقي بحاجة إلى تجديد المصادر التاريخية حتى يتكيف الضوء من خلاله على تاريخ الجماعات الأفريقية، التي لولا خلافها – الناتج من الإحساس بالتمايز – ما جاء التدخل الخارجي، ولا كانت المشكلات لتقع أصلاً. |